أبو شهاب الدين الفيومي
عدد المساهمات : 9 تاريخ التسجيل : 01/07/2011
| موضوع: من فقه الدعوة (1) الخميس يوليو 07, 2011 5:08 pm | |
|
من فقه الدعوة (1)
الالتفات إلى ما عند الله تعالى من الأجر والثواب للداعيةذلك أن الداعية إلى الله تعالى لا يعمل لحساب مخلوق، ولا يعمل لتحصيل منافع دنيوية فانية، وإنما هو عامل بحق العبودية لله تعالى، قائم بأمر الله ورسوله، مبلغ منهج الله إلى الناس، "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"[آل عمران: 110].
فالدعوة أمر من الله تعالى، وأجرها أيضًا لا يكون إلا على الله، وهذا ما أعلنه كل أنبياء الله ورسله كما قال تعالى: "إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ" [الشعراء: 106-109]، وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم من الأنبياء والرسل عليهم السلام.
ثم إن على الداعية أن يلتفت إلى ما عند الله من الأجر والثواب لأن أجره عند الله عظيم، كما قال تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [فصلت: 33]، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم". متفق عليه.
وفي الحديث عن أبي مسعود الأنصاري قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: إني أبدع بي فاحملني، فقال: "ما عندي". فقال رجل: يا رسول الله أنا أدله على من يحمله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" . رواه مسلم
وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا". رواه مسلم
ثم إن الداعية قد يصيبه شيء من الضجر والألم النفسي، لما يرى من صدود الناس عنه، وردهم لدعوته، وإعراضهم عنها، ومحاولة إيذائه أحيانًا، وصده أحيانًا أخرى، فعندها يلتفت إلى ما ينتظره من الأجر والنعيم في الآخرة، وما أعده الله تعالى لأوليائه وأحبابه، فيخفف ذلك الألم عن نفسه، ويسلي النفس بما ينتظرها في الآخرة، فتهون عليه عقبات الطريق وشدائده كما قال تعالى لرسوله: "لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" [الشعراء: 3]. وكما قال تعالى: "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ" [النحل: 127،128].
وإن لنا في دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقومه المثل الأعلى؛ وهو القائل: "لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر"، فلقد أوذي كثيرًا من صناديد الكفر، ووضعت أمامه العقبات، وسلط عليه السفهاء، وسالت منه الدماء، وكم حاول أهل الكفر صده بالإغراء والكيد، والنيل منه، بل ومحاولة قتله، ولكن الله تعالى يدافع عن نبيه ورسوله، وكذلك كل أوليائه.
ونحن اليوم نتعرض إلى صنوف وألوان من الكيد والمكر والأذي، من الكافرين والمنافقين، الصادين عن سبيل الله، والشانئنين لدعوة الحق والسنة، وهؤلاء صاروا يملكون كثيرًا من المنابر الإعلامية المقروء منها والمرئي والمسموع، وصاروا يصوبون سهاهم الباطلة إلى صدور الدعاة الصادقين، والعلماء المخلصين، ويعملون على تشويه صورتهم ومكانتهم، بل ووصل بهم الأمر إلى التشكيك في ثوابت الإسلام وأصوله العظيمة، في قلوب أتباعه، وصدور حملته.
فالواجب إذًا أن نصبر على كيد هؤلاء واستعلائهم بالباطل الذي معهم، وأن نعمل لإعلاء كلمة الله تعالى ودينه، راغبين في ثواب الله وجنته، وعلى ثقة ويقين من نصره ووعده بالخلافة والتمكين، لكننا لا نيأس ولا نتخلف عن الركب، ولنعلم أن كل هذا النصب والأذى والكيد يزول عن أول قدم على توضع على باب الجنة بإذن الله تعالى؛ "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا" [الكهف: 108،107].
الفقير إلى الله تعالى أبو شهاب الدين عاطف الفيومي
| |
|
احمد سمير Admin
الجنس : عدد المساهمات : 139 تاريخ التسجيل : 01/06/2011 العمر : 41
| موضوع: رد: من فقه الدعوة (1) السبت يوليو 09, 2011 11:10 pm | |
| | |
|